كتب علاء سعيد أن الحرب على غزة منذ أكتوبر 2023 دفعت إسرائيل إلى اجتياز خطوط لم يكن متصورًا أن تتجاوزها. فالمواجهة المباشرة مع إيران في عام 2025 جاءت بعد أكثر من 35 عامًا من التهديدات دون وقوعها، كما اتخذت إسرائيل قرارًا جريئًا باستهداف قيادة حزب الله كليًا، وهو خيار لم يكن مطروحًا سابقًا. ورغم أن القضاء الكامل على الحزب لم يتحقق بعد، إلا أن تل أبيب وواشنطن تستثمران بكثافة في هذا الهدف.
أوضح ميدل إيست مونيتور أن العملية الإسرائيلية غير المسبوقة في قطر لاغتيال القيادة السياسية لحركة حماس مثّلت أخطر الخطوط الحمراء التي اجتازتها تل أبيب حتى الآن، لأنها شكّلت اعتداءً مباشرًا على دولة عربية ذات سيادة لا تربطها بإسرائيل حدود أو مواجهات عسكرية سابقة، بل تُعتبر حليفًا رئيسيًا وصديقًا مقرّبًا من الولايات المتحدة.
اعتمدت إسرائيل طوال تاريخها القصير على عمليات عسكرية واستخباراتية لاغتيال شخصيات فلسطينية ولبنانية داخل المنطقة وخارجها؛ من عملية اغتيال خليل الوزير (أبو جهاد) في تونس عام 1988 إلى عملية "فردان" في بيروت 1973، التي طالت ثلاثة من أبرز قيادات منظمة التحرير: كمال ناصر وأبو يوسف النجار وكمال عدوان. حتى المدن الأوروبية شهدت هجمات مماثلة. لكن ما ميّز عملية الدوحة كان التوقيت والمكان وحجم الهدف، ما جعلها سابقة خطيرة.
بعد فشل الغارات الإسرائيلية في الدوحة في القضاء على أي من قادة حماس، تعهّدت تل أبيب بمواصلة استهداف قادة الحركة وغيرهم حول العالم، وهو ما أثار موجة قلق وتساؤلات عن الوجهة التالية. ورجّح مراقبون أن الدوحة قد تكون البداية لا النهاية في سلسلة عمليات ضمن حرب إقليمية آخذة في التوسع.
كشفت تقارير عن توجيه القاهرة رسالة حازمة إلى واشنطن مفادها أن استهداف قيادات فلسطينية في مصر سيُعتبر إعلان حرب. وأشارت تسريبات من ميدل إيست آي إلى أن الاستخبارات المصرية أحبطت بالفعل محاولة اغتيال في القاهرة خلال مفاوضات وقف إطلاق النار خلال العامين الماضيين. وأكد وزير الخارجية المصري الأسبق نبيل فهمي أن السلوك الإسرائيلي بلغ مستوى بالغ الخطورة في ظل الغطاء السياسي والحماية الأمريكية.
كما منحت مصر الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة إقامة دائمة في أراضيها في إطار جهودها للمصالحة الفلسطينية، وسط قلق متزايد على سلامته. وشهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية تراجعًا ملحوظًا منذ اندلاع الحرب على غزة، رغم استمرار القاهرة في الوساطة.
من جانب آخر، مثّلت تركيا لاعبًا محوريًا، إذ رسمت منذ بداية الحرب خطًا أحمر واضحًا أمام إسرائيل بعدم محاولة استهداف مسؤولين فلسطينيين على أراضيها. ونقلت وول ستريت جورنال أن أنقرة والقاهرة حذرتا حماس من مخاطر عمليات إسرائيلية محتملة قبل هجوم الدوحة، ودعتاها لتشديد إجراءاتها الأمنية.
لا تُعتبر مصر وتركيا خصمين تقليديين لإسرائيل مثل إيران، ولا دولتين ضعيفتين عسكريًا. وأي مغامرة إسرائيلية ضدهما قد تدفع إلى تصعيد غير مسبوق في المنطقة. فقد خاضت مصر حروبًا عدة مع إسرائيل قبل توقيع معاهدة السلام أواخر السبعينيات، بينما لم تدخل تركيا حربًا معها لكنها تبقى قوة عسكرية إقليمية كبرى، ما يجعل أي مواجهة معها محفوفة بالمخاطر.
أضعفت إخفاقات الغارات على الدوحة صورة إسرائيل الهجومية، وأحرجت حكومة الحرب داخليًا وإقليميًا. وقد يدفعها هذا الفشل إلى محاولة استعادة هيبتها عبر عمليات جديدة، بما يبقي احتمالات التصعيد مفتوحة. ومع غياب السلام الحقيقي وانعدام السعي الجاد نحو العدالة، تبقى المنطقة عرضة لانفجارات أكبر، سواء في هذه المرحلة أو في المقبلة.
https://www.middleeastmonitor.com/20250913-crossing-red-lines-what-happens-if-israel-strikes-again/